حددت اللغة العربية معنى مختلفاً لكل من الصديق والصاحب، وهما كلمتان شائعتان بين الناس لوصف ذات الشخص في حياتهم، وعلى الرغم من كون معناهما غير عصي على الفهم لمن يفكر قليلاً في المضمون الذي تحملانه بداخلهما، إلا أن البعض يخلط بينهما، ولا يعلم أن هناك فرقاً واضحاً في المعنى والدلالة، فيصف الشخص الفلاني الذي يكون معه في نفس المكان والزمان بالصديق، وقد تجده يعرف عنه أمام الآخرين بالصاحب أيضاً، وذلك دون مراعاة لمدى طبيعة وحدود العلاقة بينهما، وسنشرح في هذا المقال الفرق بين هاتين الكلمتين، مع تدعيم الشرح بالأمثلة من اللغة العربية، والقرآن الكريم.
مفهوم الصاحبإذا بحثنا عن معنى كلمة صاحِب، بكسر الحاء، في المعجم الوسيط، فسنجد أن للكلمة معانٍ كثيرة، ولكن ما يهمنا الآن هو التفرقة بين الصاحب والصديق، لذا سنختزل المعنى في ظل الموضوع المطلوب.
الصاحِب جمع أصْحاب، وصَحابة، وصِحاب، وصَحْب، وصُحْبَة، مؤنثه صاحبة، والجمع المؤنث السالم له صاحِبات، وصَواحِب، وهم اسم فاعل من صحب، فيقال أصحاب الكهف عن الفتية الذين آمنوا بالله واختبؤوا في الكهف، والصاحب بالجنب أي الرفيق، وهو لقب يطلق على الزوجة، وعلى الرفيق في التعلم أو الصنعة أو السفر.
الأمور التي تقتضيها الصحبةأما بخصوص أصحاب الأنبياء فلا يعني قربهم من الأنبياء أن يكونوا مؤمنين جميعهم، فالله تعالى يقول عن قوم موسى عليه السلام: (فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) [الشعراء:61]، وعندما عبر بهم موسى البحر، عبدوا العجل.
مفهوم الصديقعند البحث عن معنى كلمة صديق في معجم الوسيط، نجد أنّ معناه الصاحب صادق الود، وجمعه هو أصدقاء، أو صُدَقاء، وقد يستعمل لفظ الصديق لوصف الواحد، والجمع، والمؤنث فهو صديق، وهي صديق، وهم صديق، وهنّ صديق.
الأمور التي تقتضيها الصداقةذكر القرآن الكريم كلمة الصديق في موضعين اثنين، أولهما عندما أراد سبحانه وتعالى الحديث عن تشريع جواز الأكل من بيت الصديق، واعتباره مقرباً مثل صلة القرابة: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ) [النور:61]، وهنا تضرب الآية مثلاً أنّ بيت الصديق مثل البيت الذي تملك مفاتيحه، وهذا من أجمل الأمثلة على الصداقة.
في الموضع الآخر يصف الله تعالى حال المشركين وهم يصرخون في نار جهنم: (فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ) [الشعراء:101]، أي أنّ الصديق هو الشخص الذي تجده وقت الضيق، وهو المعين على الابتلاء في الدنيا، ولكنّ أصحاب النار مهما صرخوا في نار جهنم، فلن يجدوا الصديق الذي يؤنسهم، ويشفع لهم.
قال الإمام الشافعي، رحمه الله، في وصف الصداقة:
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة
فلا خـير في ود يجيء تكلفاًولا خير في خل يخون خليـله
ويلقاه من بعـد المودة بالجفاوينكر عيـشاً قد تقادم عهـده
ويظهر سـراً كان بالأمس قد خفاسـلام على الدنيا إذا لم يكن بها
صديق صدوق صادق الوعـد منصفاالمقالات المتعلقة بما الفرق بين الصاحب والصديق